مومياوات الفراعنة
الدين هو الأساس المحرك لمعظم الشعوب، و صانع الحضارات، فالإسلام هو
الذي حول رعاة الغنم إلى قادة الأمم، و المسيحية هي التي صنعت الدولة
الرومانية في القدم، و لن يختلف قدماء المصريين عن هذا المبدأ بالطبع.
الفراعنة هم أول شعوب الأرض على الإطلاق، و أول الحضارات في بحر التاريخ
الذي آمن بالحياة بعد الموت بشكل متكامل مماثل للديانات السماوية.
و الزعم في أصل هذا المعتقد أنه ربما يكون الأصل في الأمر وجود أحد
الأنبياء المرسلين من عند الله بالفعل، ولكن مع مرور الوقت ربما يكون هذا
المعتقد قد تحرف و اختلف حسب مفاهيم المصريين.
المصريين بناء على هذا المعتقد آمنوا بالحياة بعد الموت، والبعث و
الحساب، و كان هذا هو سر بناء هذه المقابر الضخمة بدءاً من مقبرة توت عنخ
آمون حتى هرم خوفو الأكبر.
فن التحنيط والفراعنة
بالطبع هناك الكثير من الشعوب الذين عرفوا التحنيط في القدم، بل أثبتت
بعض الأبحاث أن هناك من هو أقدم من قدماء المصريين في فن التحنيط، و لكن لم
يبرع فيه أحد عبر التاريخ كالفراعنة، و لم يُكتشف عدد من المومياوات مثل
الذي تم اكتشافه من الحضارة الفرعونية.
كانت للعقيدة الفرعونية في الحياة الأخرى أبلغ الأثر في نشوء فن
التحنيط، إذ كانوا يعتقدون بالحياة الأخرى بعد الموت، وأهمية الاحتفاظ
بالجسد سليماً حتى يستطيع المرء استخدامه بعد بعثه، بل كانت للعقيدة
الفرعونية في الحياة الأخرى أبلغ الأثر في نشوء فن التحنيط، إذ كانوا
يعتقدون بالحياة الأخرى بعد الموت، وأهمية الاحتفاظ بالجسد سليماً حتى
يستطيع المرء استخدامه بعد بعثه، فكانوا يقومون بعملية التحنيط بإفراغ
الجسد من كل الأعضاء التي تحتوي على أقل القليل من السوائل والتي تسبب
التعفن، فكانوا يُفرغون المعدة من الأعضاء الداخلية، والمخ عن طريق فتحتي
الأنف.
ثم يتم وضع الملح بكميات معينة عبر الجلد، وإضافة بعض الزيوت والراتنجات
التي ما تزال سرية حتى الآن ولا يعرف عنها أحد شيئاً على مستوى العالم،
على الرغم من اكتشاف التركي (يحيى بدر) عن سر التحنيط عن طريق راتنج محدد
يتم استخدامه في عملية التحنيط ويجب على كل القائمين بهذا الفن استخدام نفس
الراتنج وان اخلفت مادة تركيبه، وكان ذلك في عام 2009 وقد به براءة اختراع
وحصل عليه، وتم تجربته بتحنيط أول مومياء بشرية في العصر الحديث، وهي الآن
موجودة بمتحف كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
أما الفراعنة فكانوا بعد أن يضعوا تركيباتهم السرية على الجثة يتم لفها
بالكتان ثم دفنها في الصحراء في الحر بعيداً عن النيل والتربة الطرية، حتى
تجف تماماً، ويُقال في بعض الآثار أنهم يتركون الجثة حتى تجف لمدة قد تصل
إلى 40 يوماً. ثم يتم الدفن في المقبرة وتحفظ الأعضاء الداخلية في أوعية
كانوبية خاصة يتم حفظ الأعضاء فيها، كما يتم وضع بعض من الطعام والشراب
للميت حتى يأكلها بعد استيقاظه في الحياة الأخرى ..
و من بدائع صنع الفراعنة في هذا الشأن أن كثيراً من الأطعمة التي وضعوها
مع موتاهم في المقابر كانت بحالة جيدة وصالحة للأكل حينما تم اكتشاف
المقبرة.
ولما كانت عقيدة البعث والحساب مسيطرة على الشعب المصري القديم كله، فقد
كان جميع الشعب تقريباً يتجه نحو تحنيط جثث الموتى من الآباء والأبناء
والأقرباء، حتى الناس أنفسهم كانوا يعدون من يقوم بتحنيط جثثهم بعد الموت
ودفنها بشكل لائق.
وكان الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية تكون مقابرهم وطريقة دفنهم،
فكانت المقابر الملكية تزخر بالكنوز والتحف والمتعلقات الشخصية للملوك،
ولم يُكتشف عبر التاريخ مقبرة كمقبرة (توت عنخ آمون) في حجم الكنوز التي
وجدت بها.
وهناك المقابر المتوسطة ثم الدفن العادي للمومياوات الخاصة بعامة الشعب،
ولذلك تم اكتشاف عدد مهول من المومياوات في الصعيد المصري لكثير من عامة
الشعب، لدرجة أن أبناء الصعيد والنوبة كانوا يستخدمونها لإحماء النار بدلاً
من الحطب لاحتوائها على الكثير من المواد العضوية (أي بقايا بشرية .. وهذه
المعلومة غير مؤكدة وتحتاج لتوثيق).
وحينما نتحدث عن مومياوات الفراعنة لن يحلو الحديث بدون رؤية البعض من
هذه المومياوات في إبداعات الفراعنة وطريقة حفظهم لجثث الموتى .
الكود الخاص بالموقع
1755